اعلان بالهيدر

آخر العناوين

علي أحمد باكثير ... آية في النابغينا

باكثير .. من مكافح للاحتلالين "الهولندي و الياباني" بإندونيسيا إلى ثائر على الشيوعية في "مصر"

ألتقى بالملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ال سعود و ابنيه الأميرين "سعود وفيصل" في الحجاز

باكثير لليساريين: لا يهمني أن ينشر ما أكتب في حياتي، إنِّي أرى جيلاً مسلماً قادماً يتسلَّم أعمالي ويرحب بها         


يصادف العاشر من نوفمبر رحيل نجم في سماء حضرموت وشبه الجزيرة العربية و مصر و إندونيسيا، إنه علي أحمد باكثير ، صاحب الأدب المثير، حضرمي الأصل، إندونيسي المولد، مصريٌ الموطن الأدبي.
ولد الأديب باكثير يوم 15 من ذي الحجة 1328هـ ، الموافق 21 ديسمبر 1910م، بمدينة سوروبايا بإندونيسيا لأبوين حضرميين، حيث كتب عن مسقط رأسه مسرحية (عودة الفردوس) التي صوّر فيها كفاح الإندونيسيين ضد الاستعمار الهولندي و الياباني.
و لما بلغ العاشرة من عمره، سافر به أبوه إلى حضرموت لينشأ نشأة عربية إسلامية، فوصل سيئون في 15 رجب  1338هـ الموافق 5 أبريل 1920م، وهناك نظم الشعر في الثالثة عشر من عمره، ومكث في حضرموت حتى عام 1932م حيث غادرها إثر وفاة زوجته الشابة بعد سنوات قليلة من زواجهما، لكنه تزوج بعد ذلك في مصر سنة 1943م من سيدة مصرية، ثم منح الجنسية المصرية بعد ذلك بموجب مرسوم ملكي للموافق 22/8/1951م.
سلم النبوغ:
تلقى الأديب باكثير تعليمه على مرحلتين مختلفتين، حيث كانت الأولى بسيئون، إذ أكمل بها تعليمه لغاية الثانوية في مدرسة النهضة العلمية، وتولى التدريس بها ثم إدارتها و هو دون العشرين من عمره.
و بعد انتقاله لمصر، أكمل الأديب تعليمه الجامعي في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً)  حيث حصل على ليسانس الآداب بقسم اللغة الانجليزية سنة 1939م.
و قد ترجم أثناء دراسته في الجامعة 1936م مسرحية (روميو و جوليت) لشكسبير بالشعر المرسل، و بعدها بعامين ألّف مسرحية (اخناتون و نفرتيتي) بالشعر الحر، ليكون بذلك رائد هذا النوع من النظم في الوطن العربي.
كان باكثير يجيد الكثير من اللغات إلى جانب لغته العربية الأم (كالإنجليزية و الفرنسية و الملاوية)
باكثير "نابغة الأدب العربي"
نبغت أدبيته مع هبوب رياح التغيير و الثورات في العالم الإسلامي عامة والوطن العربي خاصة، حيث أبدع في الأدب شعراً ونثراً، فقد كتب الأشعار السياسية والرثائية، والوطنية والدينية، وغيرها.
وكذلك كان رائداً من رواد المسرح العربي، حيث كانت أول إعماله المسرحية (همام في بلاد الأحقاف) وطبعه في مصر أول قدومه إليها، غير أن أغلب شعره لم ينشره في حياته، حيث كان شعره إما في مخطوطات، وإما متناثر في الصحف والمجلات التي كان ينشر فيها، وقد أصدر د. محمد أبوبكر باحميد 1987م ديوان باكثير الأول (أزهار الربى في أشعار الصبا) ويحوي القصائد التي نظمها باكثير في حضرموت قبل رحيله عنها، بالإضافة لكتب ألفها الدكتور في شعر باكثير.
و جلَّ أعماله المسرحية و الروائية قد مثَّلت ونشرت في وسائل إعلامية مختلفة (الإذاعة – التلفزيون – المسرح).
بالإضافة إلى ذلك، فقد كانت أغلب التراجم الأدبية للأديب في الأدب الآخر أحد أسباب زهو أدبه وتفننه فيه.
وقد حظي الاديب باهتمام بالغ من قِبل وزارة الثقافة المصرية التي يعمل بها في قسم الرقابة على المصنفات الفنية، حيث منحته تفريغاً لمدة عامين، حيث يعد باكثير أول أديب منح هذا التفرغ في مصر، أنجز خلالها الملحمة الكبرى عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إلى جانب منحه عدة تفرغات أخرى أنجز خلالها العديد من المسرحيات.
شهرة الأديب:
انتشرت أعماله في الصحف والمجلات السعودية و المصرية، إلى جانب الإذاعة و التلفزيون المصري والكويتي.
كذلك فإن أسفاره الأدبية لمختلف البلدان لحضور ندوات ومجالس الأدب، أو نظم الشعر وكتابة النثر، لها دور في شهرته، حيث وثقها د. محمد أبوبكر باحميد بكتاب (يوميات علي أحمد باكثير)، و من أبرز أسفاره سفره إلى الحجاز، حيث ألتقى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ال سعود و ابنيه (سعود وفيصل) و ترك في الحجاز تراثاً أدبياً، وهو ديوان (صبا نجد و أنفاس الحجاز) يتناول فيه تفاصيل إقامته بالحجاز، ووقفاته مع الأدباء بالحجاز.
كما شملت أسفاره روسيا و الجمهوريات الاسلامية بالاتحاد السوفيتي وبلدان أوروبية وتركيا، والسودان والحبشة والصومال.
ومما زاد من شهرته، التفاف أدباء حوله من أنحاء الوطن العربي، أمثال: د. نجيب الكيلاني، وعبدالله الطنطاوي، وبدر شاكر السياب، و د. نذير العظمة، ويحيى العلمي، وسيد قطب، وخيري حماد، و غيرهم.
حاز على العديد من أوسمة الشرف من مؤسسات حكومية مصرية و يمنية، وكان من أبرز تلك الأوسمة وسام العلوم و الفنون من الدرجة الأولى الذي منح للأديب من قبل الرئيس المصري الراحل/ جمال عبد الناصر سنة 1963م، ووسام الآداب والفنون من قبل هيئة رئاسة المجلس الأعلى في دولة اليمن الجنوبي (سابقاً) سنة 1985م، ووسام الأدب و الفنون من قبل الرئيس السابق/علي عبدالله صالح سنة 1998م.
تكريم باكثير من قبل الرئيس المصري الراحل/ جمال عبد الناصر
في ذمة الله:
انتقل الأديب إلى جوار ربه في غرة رمضان 1389هـ، الموافق 10 نوفمبر 1969م، ودفن في مقبرة الشافعي إلى جوار قبور عائلة زوجته المصرية، حيث قال قبيل وفاته بأشهر معبراً عن وفائه واعتزازه بأم الدنيا (مصر):
من يرى مصر ولا يعشق مصرا                            جنة في الأرض للرحمـــــــــــــن أخــــــرى                                  
وترى في كل شبر منه ذكرى                               كبدي من حب مصر الدهر حرى
وقد نعاه الشعراء، وألَّف حوله بعد ذلك الباحثون و الأدباء، وقد تنبأ الأديب بذلك شعراً ونثراً حين قال في وجه اليساريين بمصر: (إنِّهم يحسبون أنَّهم سيقتلونني عندما يمنعون الأخبار عني، أو يحاربون كتبي، ويحجبون مسرحياتي عن النَّاس. أنا على يقين أن كتبي وأعمالي ستظهر في يوم من الأيام، وتأخذ مكانها اللائق بين النَّاس، في حين تطمس أعمالهم وأسماؤهم في بحر النسيان؛ لهذا فأنا لن أتوقَّف عن الكتابة، ولا يهمني أن ينشر ما أكتب في حياتي، إنِّي أرى جيلاً مسلماً قادماً يتسلَّم أعمالي ويرحب بها) ليصير الحلم حقيقة، ويتحقق ما قاله علي أحمد باكثير عن بني جلدته:
وإن لـنـا مـواهـب ســـامـيـات                        بني الأحقاف أدهشت القرونا
ألا فاستعملوها في الـمــعـالـي                   تنالوا في الورى المـــجد الأثـيـنـــــــا
فـقـد لـعـبـت بـأدوار كـبـــــار                        جـدودكـم الـكـرام الـسـالـفـونــــــــــا
ولو ثقفت يوماً حضرمياً                       لجاءك آيـــــــــــــــــــــــــــة في النابغينـــــــــــــا

ليست هناك تعليقات